مصر .. أو كما يطلق عليها " أرض الحضارات" في تاريخ الإنسانية ، لها معالمها الحضارية المتميزة والثروة المعرفية الضخمة - طوال سبعة آلاف سنة من عمر الزمن - التي مكنتها من السيادة والتفوق والريادة دائما في العلوم والفنون والثقافة والعمارة وفي جميع مجالات الإنسانية .
لقد كانت لمصر دائما خصوصيتها التي تنفرد بها علي كل الحضارات والأمم، فهي تعتبر أقدم دولة في العالم لها كيان مجتمعي واحد بحدوده الجغرافية الحالية .
فقد أطلق اسم مصر علي المنطقة التي تضم حوض النيل الأدنى أي المنطقة الممتدة من النوبة جنوبا حتى البحر المتوسط شمالا، ومن البحر الأحمر شرقا حتى الأراضي الليبية غربا .. وهذه المنطقة كانت مشوار نهر النيل الذي بدأ مسيرته من قلب أفريقيا من منطقة البحيرات العظمي حتى يصل إلي قلب السودان الشمالي حيث تتدفق في شريانه الرئيسي مياه الروافد الحبشــية التي استمدت مياهها من الأمطار ، ثم يبدأ النهر في الاستقرار بعد أن يجتاز منطقة الجنادل جنوب أسوان ، ويستمر كذلك إلي أن يبلغ مصبيه علي البحر المتوسط.
ومصر من المناطق القليلة في العالم التي حافظت علي اسمها طوال مراحل تاريخها أي أن اسم مصر ظل علما علي هذه المنطقة دون تغيير .. ولكن كيف أطلق اسم مصر ؟
هناك آراء متعددة منها ما قاله العرب من أن هذه المنطقة سميت باسم مصر قبل الطوفان " طوفان نوح " عندما نزلها نقراوس بن مصرا يم بن مركابيل بن روابيل بن غرياب بن آدم عليه السلام .
وقد أسماها نقراوس علي اسم أبيه "مصرا يم" تكريما له وتعبيرا عن تقديره وحبه له. يري آخرون أنها سميت بهذا الاسم نسبة إلي مصر بن بنصر بن حام بن نوح الذي نزلها بعد الطوفان .
وقد عرفت مصر في العهد الفرعوني بأسماء منها " كيمبيت " وتعني الأرض السوداء وتمييزا لها عن الأراضي الصحراوية الصفراء والجبلية الحمراء و" ثيميرا " أو " ثامير " وتعني أيضا الأرض السمراء الخصبة.
ومن الأسماء التي أطلقت على مصر وعلي مدينة ممفيس "هيكوبتاح" أو كوبتاح أي قصر أو منزل أو أرض الإله بتاح ومن هذه الكلمة اشتق اليونانيون Aigyptus ومنها اشتق اسم مصر الحالي Egypt . وكلمة مصر لغة تعني البلاد التي علي الحدود ، البلاد الوفيرة الخيرات وتعني الحضر .. لقد سميت مصر لأنها كل ذلك بل والأكثر من ذلك أنها البلد والأرض التي جاء ذكرها في القرآن الكريم
يقول الدكتور جمال حمدان في كتابه " شخصية مصر" :
" تنفرد مصر بين العرب ولكن موقعها الجغرافي يأتي ليمنحها المزيد من التفرد وابرز ما في هذا الموقع أنه كالقلب من الجسم. واسطة العقد ، وهمزة الوصل بين آسيا العربية وأفريقيا العربية" .
وإذا كان المتفق عليه أن مصر جزء من المشرق العربي وإذا كان البعض رآها تجمع ما بين المشرق والمغرب فإنها هي التي قدمت المغرب العربي إلي المشرق تاريخيا وجغرافيا. إن مصر ليست وحدة جغرافية فحسب بل هي أيضا وحدة تاريخية وعرقية.
فشعب مصر شعب واحد بكل المقاييس. فبحكم الموقع امتزج مع أجناس أخري وشعوب أخري. ولكنه كون من كل ذلك وحدة بشرية متجانسة شاركـت فـي كافـة ألوان النشاط الإنساني. وحقق في ذلك إنجازات تاريخية تشهد بها الحضارة الإنسانية في مراحلها المختلفة .
إن خريطة مصر تتسع وتتغير عمرانيا وسكانيا وتتعاقب الأجيال تواكب المتغيرات الجديدة وتضع بصماتها علي مر الأزمان .. إن أحداثاً كثيرة حركت مصر والعالم ، وفي إطار النظام العالمي الجديد الذي يتشكل في القرن الحادي والعشرين فإن مصر تواصل مسيرتها ودورها الثقافي والحضارى الذى أصبح سمة ملازمة للعولمة وثورة الاتصالات والمعلومات لتستقبل بها الحركة السريعة النشطة للألفية الثالثة
من فضائل مصر أن الله عز وجل ذكرها في كتابه العزيز في أربعة وعشرين موضعا خمسة منها بصريح اللفظ وتسعة عشر ما دلت عليه القرائن والتفاسير .
فأما صريح اللفظ فمنه قوله تعالى في سورة البقرة :
( وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ )
وقوله تعالي في سورة يونس ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ )
وقوله تعالي في سورة يوسف ( وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ )
وقوله تعالي في سورة يوسف أيضاً ( فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ )
وقوله تعالي في سورة الزخرف ( ونادى فرعون في قومه قال يا قوم اليس لي ملك مصر وهذه الانهار تجري من تحتي افلا تبصرون )
وأما ما دلت عليه القرآئن :
فمنه قوله عز وجل :
" ولقد بوأنا بني بني صهيون مبوأ صدق "
وقوله عز وجل :
" وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين " ... قال ابن عباس وسعيد بن المسيب ووهب بن منبه وغيرهم هي مصر
وقوله تعالى :
" فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم "
وقوله تعالى :
" وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها " ..... يعني مصر
وقوله تعالى :
" كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ونعمة كانوا فيها فاكهين كذلك وأورثناها قوما آخرين " .... يعني قوم فرعون وأن بني بني صهيون أورثوا مصر .
وقوله تعالى :
" ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونرى فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون "
وقوله عز وجل مخبرا عن فرعون :
" يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض "
وقوله عز وجل :
" وتمت كلمة ربك الحسنى على بني بني صهيون بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون "
وقوله تعالى مخبرا عن فرعون :
" أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك " ... يعني أرض مصر
وقوله تعالى مخبرا عن نبيه يوسف عليه السلام :
" اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم "
وقوله تعالى :
" وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء "
وقوله تعالى مخبرا عن بني بني صهيون :
" ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا "
وقوله تعالى مخبرا عن نبيه موسى عليه السلام :
" عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض "
وقوله تعالى :
" أو أن يظهر في الأرض الفساد" .... يعني مصر
وقوله تعالى :
" وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى "
وقوله عز وجل :
" إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا "
وقوله تعالى مخبرا عن ابن يعقوب عليه السلام :
" فلن أبرح الأرض " ..... يعني أرض مصر
وقوله تعالى :
" إن تريد إلا أن تكون جبارا في الارض " ... يعنى أرض مصر
... مصدر المعلومات : الهيئة العامة للاستعلامات المصرية
No comments:
Post a Comment